مهرجان كيوتوغرافي والإنسانية. كيف نُعرّف الإنسانية بكل ما تشمله؟ ماذا يعني أن تكون إنسانا؟ ما هي مسؤوليتنا الشخصية تجاه الإنسانية؟ مفهوم الإنسانية مفهومٌ واسعٌ وغامض، قد يبدو أنه مختلفًا تمامًا باختلاف الموقف الذي تعبر به. أحيانًا قد يبدو هذا المفهوم للإنسانية فكرةٌ تحتاج إلى دراسة، وليست حالةً مُسيطرةً علينا نتعايش بها ونعامل بها من حولنا. بالنسبة للآخرين فإن مفهومهم للإنسانية وعلاقته بهم وبالآخرين بديهي لا يلزم لهم تعريف، فهو حقيقةٌ مُسلّمٌ بها وغير مُدرَكة.
يُقام في كيوتو واحد من أكثر مهرجانات التصوير الفوتوغرافي إثارةً ويأخذ ضجة كبيرة في العالم، المهرجان يجمع صناع الصور الذين يتناولون هذا الموضوع المعقد المترابط بطرقٍ لا تُحصى. تأسس مهرجان كيوتوغرافي الدولي للتصوير الفوتوغرافي عام ٢٠١٢ على يد المصورة لوسيل ريبوز ومدير الإضاءة يوسوكي ناكانيشي، اللذين على الرغم من افتقارهما للخبرة المؤسسية، إلا أنهما شعرا برغبةٍ في إقامة حدثٍ قادرٍ على الاحتفاء بالتصوير الفوتوغرافي، وتحفيز الفكر، وتعزيز روح الجماعة في المدينة التاريخية.
كتب ريبوز معبرا عن ذلك المهرجان في برنامج عام ٢٠٢٥: “التصوير الفوتوغرافي وسيلةٌ رائعةٌ لأنه يتجاوز حواجز اللغة لينقل بدوره رسالةً قويةً ومباشرةً للغاية”. “من خلال التصوير الفوتوغرافي، أردنا إتاحة الفرصة لمشاركة قصصٍ متنوعةٍ ومعالجة للقضايا الاجتماعية والثقافية. أردنا بناء منصةٍ تُلهم الناس لجعل العالم مكانًا أفضل”.
في دورة المهرجان كيوتوغرافي الثالثة عشرة، يُقدّم معرض كيوتوغرافي لهذا العام أعمالًا لمصورين عالميين ويابانيين مرموقين يستكشفون بطرقهم الفريدة موضوع الإنسانية. يضم برنامج هذا العام العديد من المصورين: مارتن بار، وماو إيشيكاوا، وآدم روحانا، وتاماكي يوشيدا، ولي شولمان، والعديد من المصورين الآخرين الذين يهتم كلٌّ منهم بالتجربة الإنسانية.

استكشاف التجربة الإنسانية من خلال منظورين ثقافيين في مهرجان كيوتوغرافي 2025
تشمل الإنسانية التجارب والصفات المتنوعة التي تُميّزنا كأفراد وجماعة”، كتب ريبوز وناكانيشي في مقدمتهما لمهرجان هذا العام. ” ومن خلال التأمل في قدرتنا على الحب والتعاطف والمرونة، يُسلّط الضوء على موضوع مهرجان كيوتوغرافي للعام ٢٠٢٥ من خلال منظورين ثقافيين متميزين: الياباني والغربي، مستكشفين تنوع التجربة الإنسانية.
يوضحون هذه المواقف المختلفة: ” غالبًا ما تُسلّط التقاليد الغربية الضوء على الفردية والاستقلالية ومركزية الإنسان في العالم، مُحتفيةً بالحرية الشخصية والمبادئ الأخلاقية العالمية. في المقابل يتّسم المفهوم الياباني للإنسانية بطابعٍ علائقيٍّ عميق، مُؤكّدًا على الانسجام والترابط، واعتبار البشرية جزءًا لا يتجزأ من العالم الطبيعي
يؤكد المؤسسون القائمون على تجهيز مهرجان كيوتوغرافي على أن “التجربة المعاشة محور أعمال برنامج هذا العام. فالأعمال الفنية المُنبثقة من استجابات عاطفية عميقة للحياة تعكس وتُعلّق على معنى الإنسانية الذي يعيش فيه كلٌّ منا”. وبالمثل صُمّم المهرجان والمعارض نفسها بطريقة تندمج مع روح المدينة، حيث تُقام في صالات العرض والمتاحف، بالإضافة إلى مواقع أخرى غير مألوفة وغير متوقعة في جميع أنحاء المدينة.
تُعرض الأعمال الفنية في مواقع غير تقليدية لها أثر من الجمال والأصالة، مثل مركز ديماتشي ماسوغاتا للتسوق، ومعبد ريوسوكوين زن، ومبنى كيوتو شيمبون (مطبعة سابقة)، ومحطة كيوتو، ومبنى هاتشيكو-آن التاريخي (مقر كاواساكي السابق). ويوضح ريبوز وناكانيشي: “أصبحت المعابد والماشيا (البيوت التقليدية) والمواقع التاريخية جزءًا من سرد القصص، مما أتاح للفن والبيئة الاندماج بطرق بدت طبيعية وغير متوقعة”.
كجزء من البرنامج المرتبط بالمهرجان كيوتوغرافي، فهو يضم أيضًا معرضًا لأعمال صانع الصور البارز المميز بالتقاط الصور الفريدة دايسوكي يوكوتا، والذي تم إنشاؤه بالتعاون مع آخرين. إلى جانب التصوير الفوتوغرافي الجديد الذي تم إنشاؤه ليناسب العرض، وُلد هذا العمل من استجابة يوكوتا لعطر Comme des Garçons Eau de Parfum الأصلي، والذي ظهر مؤخرًا في عدد المجلة شتاء/ربيع 2025، ثم تم توسيعه إلى مجلة من 32 صفحة متضمنة داخل إصدار من العدد. مستوحى من حركة التصوير الفوتوغرافي الطليعية اليابانية التي تسعى جاهدة لخلق لغة بصرية للتعبير عن عالم ما بعد الحرب، للتعبير عن السلام والازدهار والاستقرار، يعد يوكوتا جزءًا من سلالة فنية تضم العديد ممن سبقوه في هذا الطريق أمثال مؤسسي Provoke والمساهمين تاكوما ناكاهيرا ،ويوتاكا تاكاناشي، وكوجي تاكي، ودايدو مورياما. تبدو صوره المجردة الفضية اللون مضاءة بتوهج فريد من عالم آخر، في حين تذكرنا بأجواء وأيديولوجية هؤلاء النجوم السابقين.
اقرأ ايضاً :


